You are currently viewing مقارنة اليتيم بغيره من الأطفال(ياليتني مثله)

مقارنة اليتيم بغيره من الأطفال(ياليتني مثله)

مقارنة اليتيم بغيره من الأطفال
(يا ليتني مثله)
الكاتبة: نور طباع
هناك نظريّة كاملة في علم النفس والاجتماع اسمها: نظريّة المقارنة الاجتماعيّة
هي نظريّة تفترض أنّ الناس يقومون بتقويم أعمالهم وأفكارهم باللجوء إلى مقارنتها بأعمال وأفكار الآخرين.
صاحب نظريّة المقارنة الاجتماعيّة أثبت” أنّ البشر لا يستطيعون في الواقع تعريف أنفسهم بشكل جوهري أو مستقلّ، يمكنهم فقط تعريف أنفسهم بناء على المقارنة بشخص آخر.

هل هي طبيعة أم غريزة بشريّة؟
لو كانت كذلك! لكان دورنا أن نعمل حدوداً لها بحسب المعطيات…
عند المقارنة بين الأشخاص، تذكر أن لكل فرد قدرات ومواهب، فعندما تقارن بين البرتقال والتفاح، فستستنتج أنّ البرتقال له فوائده، والتفاح أيضاً له فوائده، فبرأيك الآن ما الأفضل؟

ما أهمّ الدوافع لدى الإنسان التي تجعله يقارن نفسه بالآخرين، أو أبناءه بأبناء الآخرين؟
وراء كل سلوك نيّة إيجابيّة.
سنأخذ النيّة الإيجابيّة ونقول: الإنسان الذي يستخدم المقارنة أسلوباً هو (يفترض أن المقارنة وسيلة تحفيز)، لكنه بالواقع يستخدم إحدى الأدوات التي تقوم بالتخريب الذاتي لأنفسنا.
التحفيز:
1. المقارنة الاجتماعيّة القائمة على الخوف وعدم الأمان، الخوف من أننا لن نكون جيّدين بما يكفي.
2. المقارنة الاجتماعيّة بدافع الرغبة في التحسن، إنّ مشاهدة شخص ما يقوم بما يفعله بشكلٍ رائع لهو أمر مذهل.

ما أكثر المخاطر النفسيّة والتربويّة التي يمكن أن تنتج عن المقارنة بالآخرين؟
1- التقاعس عن العمل، تقتل طموحاته، وترسخ لديه الشعور باللامبالاة.
2- الإصابة ببعض الأمراض النفسيّة مثل القلق والتوتر.
3- ضعف الثقة بالنفس والكسل.
4- اليأس، والشعور بالدونيّة.
5- تشكّل شخصاً متكبّراً يبالغ في الاعتداد بنفسه، وينتقد الآخرين بكثرة.
6- تكوين اتجاهات سلبيّة نحو الآخرين؛ لأنّ الإنسان يكره من ينتقص قدره، ويقلّل من شأنه.
7- يلغي المواهب ويقمعها.
8- يولّد شعور الإهمال.
9- يقلّل من تقدير الذات، واحترام الذات.
هل هناك بعض المقارنات إيجابيّة؟ وما مواصفاتها؟
– مقارنة الأهل ابنهم في صفة إيجابيّة بشخص آخر، مثل أن يقول الأهل: أنت رائع ومفكّر مثل (فلان) نختار قدوة من قدوات المجتمع، هذا يجعل الطفل يتوجه بكل مشاعره وأحاسيسه تجاه القدوة، فيحبّها ويزيد من تقليدها، وهذا الأسلوب يساعد على بناء القيم الإيجابيّة والمجتمعيّة السليمة.

– مقارنة الطفل بنفسه وبذاته:
علماء النفس قالوا: عندما تريد الأفضل لشخص تغيّر مستواه، وانخفض للأسوأ، قارنه بذاته السابقة، وليس بأقرانه.
التنافس مع الذات أمر إيجابيّ، مثال:
أن نقول للطفل: أنت أخدت بالفصل الماضي علامة: 70،
وفي هذا الفصل بفضل دراستك واجتهادك نلت: 80،
وأتوقع أن تنال في الفصل القادم: 90.

بعض الأبناء اليوم هم من يدفعون الآباء إلى المقارنة الدائمة، من خلال ما يتعرضون له بمواقع التواصل الاجتماعي، ما الحلول؟
يقول “برنستين”: “يفترض لهذا الشعور بالرضا الناتج عن نظرة الآخرين لك أن يزول في سنّ الرشد.
لكنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ خلقت “مراهقة” تدوم مدى الحياة، ممّا يجعل من السهل جدّاً الاستمرار في عقد المقارنات بأسلوب مراهق للغاية”

– الخريطة ليست هي المنطقة.
وسائل التواصل الاجتماعي غير داخلة بالمعادلة، وغير قابلة للقياس، أغلب ما يعرض فيها من جوانب نجاح لا تغطّي إلا جانباً واحداً من الحقيقة.
يجب إفهام الطفل أو الابن المراهق أنّ الأمور في منصّات التواصل الاجتماعي أو السوشال ميديا بالغالب ليست كما تبدو، فليس كلّ ما يعرض على وسائل التواصل الاجتماعي من بعض المشاهير كما يصورونها لنا على أنّها النعيم: من صور وسفر وأكل وحفلات وسيارات… ما هي إلا جانب واحد من حقيقة حياتهم التي يعيشونها، التي أرادوا لنا أن نعيشها معهم، والمشكلة تكمن عندنا في أننا نقوم بتعميم هذه الصور على كامل حياتهم وأيامهم، ونشعر أن حياتنا كلّها تعيسة ومملّة.
– من الضروري أن نوقف الأبناء عن تتبع أخبار الناس والتركيز في حياتهم، بل أن نركز في حياتنا وأهدافنا.
– ضرورة توعية الأبناء إلى أنّ نجاح الآخرين لا يعني أنّهم فاشلون، إنّما يحتاجون إلى مواصلة العمل وعدم الاستسلام.

إذا تحولت المقارنة إلى عادة تلقائيّة في كلّ شيء، ما الذي يمكن فعله لتقليل آثارها الضارة؟
ضرورة استيعاب الأضرار:
– أنّ المقارنة عبارة عن فخّ لا ينتهي، ستجد دوماً من هو أفضل منك.
– ظلم للنفس، لأنّنا نضع نقاط ضعفنا في مواجهة نقاط قوة الآخرين، وهي معاملة غير عادلة.
– ضياع وتفويت فرصة الاستمتاع بالحاضر.
إذا أردت أن تقارن نفسك فقارنها بنفسك أنت.
اسوأ ما في المقارنة أنها تعطي ابنك القناعة بأنّ حبّك له مشروط..

بعض الآباء يجعلون من المقارنة بالآخرين عيباً دائماً واجب التقويم، والإنسان يعيش في مجتمع، وليس في جزيرة منعزلة، كيف التوازن؟
– لا تحصر قدرات طفلك في مجال واحد محدّد، كالدراسة مثلاً، ولكن وسّع أفقك وابحث عن تميّزه في مجالات مختلفة، فربما يكون مميّزاً في ممارسة الألعاب الرياضيّة، أو لديه قدرة على القيادة، والتواصل الاجتماعي الفعّال، أو قد يكون مبدعاً في الرسم والتلوين والتمثيل واستخدام الجسم للتعبير عن أفكاره ومشاعره، أو لديه صوت نادرٍ وأذن موسيقيّة… الخ
– التشجيع
– المقارنة العادلة / لا توجد أصلاً.

ماهي المقارنة العادلة؟

– أحمد جرى 10 كيلو في ساعة.
وسلطان جرى 10 كيلو في ساعة ونصف.
من أسرع وأقوى وأفضل؟
طبعا نقول: أحمد..
– طيّب لو قلت لك: إنّ سطان كان يجري على أرض رمليّة، وأحمد داخل استاد رياضي مجهّز.
هنا نقول/ إنّ سلطان أفضل بدنيًّا من أحمد..
– لكن لو علمت إن أحمد يبلغ 45 سنة
وعمر سلطان 25 سنة..؟
هنا تتغير المعادلة معنا ونرجع لنقول: إنّ أحمد أفضل، بسبب العمر.
– طيّب وزن سلطان 150 كيلو ووزن أحمد 70 كيلو
هنا سنعطي الأفضليّة لسلطان ..!!!
كلّما عرفنا تفاصيل أكثر عن أحمد وسلطان يتغيّر معنا الحكم على الأفضليّة بينهما،
وكنّا أشخاصاً سطحيّين عندما حكمنا بأنّ أحمد أفضل من سلطان من أوّل سؤال..
كذلك هي السطحيّة نفسها عندما تقارن نفسك بأيّ أحد.
كل واحد بيئته مختلفة ..
والفرص اللي تقابلك مختلفة..
حياتك مختلفة..
أسرتك مختلفة..
حين تكون متأخراً عما هو في عمرك، فهذا لا يعني أنّك أقلّ منه، بل ممكن أن تكون أنت أعلى، بحسب المعطيات في حياتك..وهو المتأخر..
لا تحكم على نفسك بالفشل لأنّ غيرك حصل على مجموع دراسيّ أعلى، أو توظّف وظيفة أفضل من وظيفتك أو تزوج أو إنّه يسافر كثييراً
ممكن أن تكون أنت فعليّا أفضل منهم، حين نحلّل المعطيات التي بينكم..

الخلاصة:

(المقارنة الوحيدة العادلة هي إذا قمت بمقارنة نفسك الآن بنفسك قبل مدّة)

– المقارنة الإيجابيّة
– اعرف القدرات
– حدّد نقاط القوّة والضعف
– حدّد الأهداف
– لكلّ شخص ميزات
– صناعة معنى للحياة، وأهدافاً سامية يحيا من أجلها.
– ازدياد مستمرّ في طاقة الحبّ للحياة والمستقبل والمحيطين.
– احترام وجهة نظره واختياراته، وتجنّب إرغامه على خيارات الأبوين.
– تقدير مواهبه – مهما كانت بسيطة – والاحتفاء بها أيضاً
– خاطبه وتعامل معه على قدر ما يتمتع به من قدرات وإمكانات، وليس على قدر طموحك أنت
– المقارنة لعبة مرهقة وخاسرة، يضع فيها المرء نقاط ضعفه في مواجهة نقاط قوّة الآخرين

تتوقّف آثار المقارنات صعوداً ونزولاً تبعاً لكيفيّة معالجتنا للمعلومات

يقول الدكتور عبد الرحمن الهاشميّ: “إنّ هناك أسباباً غريزيّة تجعل الإنسان ينشغل بالآخر عن ذاته، ومنها: الأنس بالآخرين؛ فالإنسان سمّيَ إنساناً؛ لأنّه يأنس بالآخرين، ولأنّه يحبّ الانتماء للآخرين -وهذا فطريّ-
ولكنّ السبب الرئيس يرجع إلى أصل التربية،
ويبدأ مع الإنسان منذ الصغر، من خلال إشغال الوالدين للطفل بالآخرين، وإهمال لفت اهتمامه إلى ذاته، ثمّ عندما يبدأ بإدراك حاجاته، ويعي رغباته، يشغله الوالدان بالآخرين”.
عندما ينصح الوالدان ابنهما من خلال التربية، يقولان له: ذاكر دروسك؛ لكي يسمعك فلان فيثني عليك، ويقول الناس إنّك مميّزٌ.
وحين يرغب الطفل باللعب؛ لأنّه الفعل الذي يجد ذاته فيه، فيتعلّم ويستمتع، تجد الوالدين ينصحانه بأنّ يهدأ: اجلس؛ ليقول الناس إنك مؤدّب، أو كيلا تؤذي نفسك، كيلا تتسخ ملابسك… إلخ… من التحذيرات التي تؤذي لديه مستوى الوعي بذاته.
وهذا يغيّر وجهة اهتمام الطفل – منذ طفولته – فينشغل بالآخرين، بدلاً من الانشغال بذاته، وتستمرّ ممارسات الوالدين على الشاكلة ذاتها، حتّى يصل الإنسان إلى المدرسة، فيبدأان بمقارنة نتائجه بنتائج الآخرين وتقويمه بحسبها!
هنا سيربط الطفل نجاحه أو إخفاقه بالآخرين تلقائيّاً، فيكبر ويصل مرحلة المراهقة وقد تبرمج ذهنيّاً على مقارنة نفسه بالآخرين، إذا طلب شيئاً؛ فلأنّه يريد أن يتشبّه بالآخرين، وحُجَّتُه: ماذا تريدون أن يقال عنّي؟ أو ما الذي ينقصني كيلا أكون مثلهم؟.

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.